قال الله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: 186] وقال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف:35].
وعن شدَّاد بن أوس -رضي الله عنه- قال: إنَّ رسول الله ﷺ كان يقول في صلاته: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم» (رواه الترمذي:3407).
العزيمة والهمة هما جناحا النجاح في سماء الإنجازات، فبالعزيمة يتحول الحلم إلى خطة، وبالهمة تتحول الخطة إلى واقعٍ ملموس، إنها القوة التي تدفعنا لتجاوزِ العقبات والتغلبِ على التحديات، وهي الشرارة التي تضيء درب الأمل عندما تخبو أنوار اليأس، فلنتسلح بالعزيمة ونرفع هاماتنا فبالهمة نصنع من المستحيل ممكنًا، ومن الأحلام حقائق نعيشها كل يوم.
إنَّ شد الهمة والعزيمة هو السبيل لتحقيق الذات والارتقاء بالإمكانيات إلى أعلى المستويات، إنها عملية بناء داخلية تبدأ بإيمانٍ راسخ بالقدرات الشخصية وإرادةٍ قوية للتغلب على كل ما يعترض طريق النجاح.
في هذا العالم المليء بالتحديات والصعاب، تبرزُ أهميةَ شد الهمة كوسيلةٍ لتجديد الطاقة وإعادة توجيه البوصلة نحو الأهداف المنشودة، ولا يقتصر دور العزيمة على تحفيز النفس فحسب، بل يتعداه إلى خلق بيئة محفزة تساعد على التطور والتقدم.
إنَّ شد الهمة يتطلب التزامًا ثابتًا وصبرًا جميلًا، فلا يكفي أن نحلم بالقمة، بل يجب أن نسير خطوةً بخطوة نحو تحقيق ذلك الحلم، وفي هذه الرحلة، تكون العزيمة هي المرشد الذي ينير دربنا ويساعدنا على التغلب على المصاعب.
ولكن كيف نشد همتنا ونزيد من عزيمتنا؟ يبدأ ذلك بتحديد الأهداف بوضوح ووضع خطط عملية لتحقيقها، كما يجب أن نحرص على تغذية أرواحنا بالإيجابية والإصرار، وأن نستثمر في تطوير مهاراتنا وقدراتنا باستمرار، ولا نغفل عن أهمية التعلم من التجارب، سواء كانت نجاحات أو إخفاقات، فكلاهما يعزز من قوتنا ويرسخ خبراتنا، فلنجعل من شد الهمة والعزيمة ركائز أساسية في حياتنا، لأن بهما نستطيع أن نصعد سُلَّمَ التفوق والإبداع، وأن نحولَ كل تحدي إلى فرصة لإثبات قدراتنا.
وفي رحلة السعي نحو النجاح، قد نواجه أشخاصًا يحاولون إحباط عزائمنا وثنينا عن تحقيق أهدافنا، أو أقنعة مزيفة يرتدونها لخداعنا، هؤلاء هم محبطو النجاح، الذين يمكن أن يكونوا عثرة في طريق التقدم والتطور، فالحذر من محبطي النجاح يعتبرُ خطوةً ضرورية للحفاظ على الدافعية والتركيز، فهم يأتون بأشكالٍ مختلفة وقد يكونون أقرب الناس إلينا، مثل صديق يشكك في قدراتك، أو قريب يعتبر طموحاتك بعيدة المنال، أو حبيب يوهمك بأنك لن تنجح بدونه.
وتذكر أنَّ السقوط جزءٌ لا يتجزأ من رحلة الحياة، ولكن الأهم من السقوط هو القدرة على النهوض مجددًا، والوقوف بعد السقوط يتطلب شجاعة وإصرار، وهو دليل على قوة الإرادة والتحدي.
فكثيرًا ما نواجه في حياتنا لحظات تعثر تهز ثقتنا بأنفسنا وتجعلنا نشك في قدراتنا، ومع ذلك، يجب ألا نسمح لهذه اللحظات بأن تحدد مصيرنا، بل يجب أن نستخدمها كفرص للتعلم والنمو.
والنهوض بعد السقوط يعني التغلب على الخوف من الفشل وإعادة بناء الثقة بالذات، وهذا يتطلب تقبل ما حدث والتطلع إلى المستقبل برؤية إيجابية، وعليه يجب ألا نخاف من ارتكاب الأخطاء، فهي جزء من عملية التعلم.
من المهم أيضًا أن نحيط أنفسنا بأشخاص يدعموننا ويشجعوننا على المضي قدمًا، هذه الشبكة من الدعم ستكون مصدر قوة في أوقات الضعف، والهروب بكل الوسائل من مشتتي الأفكار، ومسببي المشاكل ومدمري الذات، فهم شياطين على هيئة ملائكة، ويسحرونكم لتلبية احتياجاتهم وتغذية ذاتهم، في نهاية المطاف.
فلا تنسَ أن الوقوف بعد السقوط هو اختبار لصلابتنا وإيماننا بأهدافنا، إذا استطعنا التغلب على هذه التحديات، سنخرج أقوى وأكثر استعدادًا لمواجهة ما يخبئه لنا المستقبل، فلا تخشى السقوط، بل اجعل من كل سقطةٍ درجة تصعد بها نحو قمة أحلامك، حتى وإن سقطت من قمة، فالقمة الأخرى تنتظرك، اجعلها تحدي جديد لك، واستمر في الصعود.
👍