قال الله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر: 55]، تتجلى الثقة بالله في آية كريمة، وهذا معناه أن كل هذا العالم لن يملأ فراغ قلوبنا بما فيه من أشياء وأشخاص وأحداث وأحلام، فقط ما يكفينا هو محبة الله لنا، والثقة به بأن نرمي كل همومنا عليه، فهذا فقط الذي سيشعرنا بالاكتفاء، وفي القرآن الكريم والسنة النبوية، هناك العديد من القصص التي تُظهر كيف أن الله تعالى قد فرج عن أنبيائه بعد مواجهتهم للظلم من قبل أممهم، حين اتجهوا إلى الله مكسوري الأجنحة مغلوبين، فهذه القصص تُعلمنا عن صبر الأنبياء وثقتهم بالله، وكيف أن الله لا يخذل عباده الصابرين، فقد أغرق الأرض لنوح -عليه السلام-، وجعل يوسف -عليه السلام- عزيزًا، وشفى أيوب -عليه السلام- ورد إليه أهله وماله، وأغرق فرعون لينجي موسى -عليه السلام-.
فالابتلاء والصبر موضوعان مترابطان في الإسلام، ويُعتبران من الجوانب الأساسية في العقيدة الإسلامية، ويُعتبر الابتلاء اختبارًا من الله لعباده، والصبر هو المفتاح لتجاوز هذه الاختبارات بنجاح، وفي مسيرة الحياة، يواجه الإنسان العديدَ من التحديات والصعاب التي تُعد ابتلاءات واختبارات من الله تعالى لقوة الإيمان والصبر، وقد أكد القرآن الكريم على أهمية الصبر في آيات كثيرة، مشيرًا إلى أن الذين يصبرون على الابتلاءات يُجزون بأعظم الجزاء، فالصبر ليس مجرد تحمل للمصاعب، بل هو إظهار الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، والثقة بأن كل ما يحدث للإنسان فيه خير له، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك.
ويُعلمنا الإسلام أن الابتلاء ليس دائمًا عقابًا، بل قد يكون رفعة في الدرجات وتمحيصًا للنفوس وتطهيرًا للقلوب، والمؤمن الحق هو الذي يستقبل الابتلاء بصدرٍ رحب، ويظل ثابتًا على دينه، محتسبًا الأجر عند الله تعالى، وقد وعد الله الصابرين بأفضل الجزاء، كماقال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]، فلنتذكر دائمًا أن الابتلاءات هي جزء لا يتجزأ من الحياة، وأن الصبر عليها هو ما يُعرف بالإيمان الحقيقي، وهو ما يُميز المؤمنين الصادقين، ولنعلم أن الجزاء عند الله للصابرين هو جزاء لا يُقدر بثمن، وهو ما يجعل الصبر جميلًا ومُثمرًا.
وفي الإسلام، يُعتبر اللجوء إلى الله والثقة به مصدرًا للفرج والسكينة في أوقات الشدة والكرب، يُعلمنا الدين أن الله قريب من عباده، يستجيب دعاءهم ويفرج همهم عندما يتوجهون إليه بقلوبٍ صادقة، وقد ورد في الأحاديث النبوية والآيات القرآنية العديد من الإشارات إلى هذا المعنى، مثل قول الله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: 62]، فالفرج من الله يأتي بأشكال متعددة، قد يكون بانفراج الهم والغم، أو بتيسير الأمور والمشاكل التي يواجهها الإنسان، أو حتى بالصبر والقوة التي يمنحها الله لعبده ليتجاوز بها الصعاب، ويُشجع الإسلام على الدعاء والتضرع إلى الله في السراء والضراء، مؤكدًا أن الدعاء هو عبادة وأن الله يحب أن يُسأل وأن يُدعى، ويُذكر أن الفرج يأتي بعد الصبر، وأن الله لا يضيع أجر المحسنين، وأن مع العسر يسرًا، فالمؤمن مطمئن بأن الله معه، وأن الفرج قريب لمن يلجأ إلى الله بقلب صافٍ ونيةٍ خالصة.
لنهتم بشد العزيمة والنهوض، فهي من الأمور التي تُظهر قوة الإرادة والتصميم لدى الإنسان، في مواجهة التحديات والصعاب، ويُعد النهوض والإصرار على الاستمرار دليلًا على العزيمة القوية والرغبة في تحقيق الأهداف، فالحياة مليئة بالتقلبات والتحديات التي تختبر إرادتنا وعزيمتنا، في كل مرة نواجه فيها عقبة، نُعطى فرصة لإظهار قوتنا وشجاعتنا، فشد العزيمة ليس مجرد قرار لحظي، بل هو عملية مستمرة تتطلب الإيمان بالنفس والثقة في القدرة على التغلب على الصعاب، والنهوض بعد السقوط يُعلمنا دروسًا قيمة عن الصمود والمرونة، وإنه يُعزز فينا الشعور بالقوة الداخلية ويُحفزنا على مواصلة السعي نحو أهدافنا، ومن خلال النهوض، نُثبت لأنفسنا وللعالم أن الإصرار يمكن أن يُحدث فارقًا بين الاستسلام والنجاح.
ولكل من يسعى لشد العزيمة والنهوض، تذكروا أن كل خطوة تُقدمونها نحو هدفكم، مهما كانت صغيرة، هي تقدم يُحتفى به، واعلموا أن الإصرار والتحلي بالصبر والمثابرة هي المفاتيح التي تُفتح بها أبواب الأمل والتقدم، فلا تدعوا اليأس يُسيطر عليكم، واستمدوا القوة من إيمانكم ومن الدروس التي تعلمتموها من تجاربكم السابقة.
ففي النهاية، شد العزيمة والنهوض يُعدان من أسمى مظاهر القوة الإنسانية، وهما يُمثلان الجسر الذي يربط بين الحلم والواقع، فلنكن دائمًا مستعدين للنهوض مرة أخرى، مهما كانت الظروف، ولنجعل من العزيمة سلاحنا لتحقيق النجاح والتميز.
وتحليق الناجحين في سماء الإنجازات لا يأتي من فراغ، بل هو نتاج الإصرار والعزيمة والعمل الدؤوب، فالنجاح ليس لحظة تتحقق فيها الأحلام فحسب، بل هو رحلة مستمرة من التحدي والتطوير والتعلم، ففي قلب كل نجاح، تكمن قصة من الإصرار والتحدي، الناجحون لا يولدون ناجحين، بل يُصنعون من خلال التجارب والمثابرة، إنهم يرون في كل فشل درسًا، وفي كل عقبة فرصة للنمو والتعلم، الإصرار هو الوقود الذي يدفعهم للتحليق عاليًا، حتى عندما تكون الرياح معاكسة، فالناجحون يعرفون أن الطريق إلى القمة ليس مفروشًا بالورود، بل مليء بالأشواك والمنعطفات، ومع ذلك، يستمرون بالسير بثبات، متسلحين بثقتهم بالله ثم الأمل والإيمان بأنفسهم، إنهم لا يتوقفون عند الرضا بالإنجازات الصغيرة، بل يسعون دائمًا لتحقيق المزيد.
والإصرار هو الذي يجعل الناجحين يتجاوزون حدودهم الذاتية، يكسرون القيود، ويصلون إلى ما كان يُعتقد أنه مستحيل، إنهم يعيشون بمبدأ أن “السماء ليست الحد”، وأن كل يوم هو فرصة جديدة للتميز والإبداع، وتحليق الناجحين هو انعكاس لإصرارهم وعزيمتهم، إنه يُلهم الآخرين ويُظهر أن الإنسان قادر على تحقيق العظمة عندما يُقرر أن يُحلق بعيدًا عن القيود والحدود، متجهًا نحو الأفق البعيد حيث تتحقق الأحلام.
رائع👍👍👍👍
مقال جميل جدا ، مفعم بمعاني الامل والتفاؤل لمن كسرت اجنحتهم الضعيفة قسوة البشر وجبروتهم ولكن صبرهم وتعلقهم بالله جعلهم يتجاوزوا المحنة .