اضرب بعصاك البحر..

قال الله تعالى: ﴿اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ[الشعراء:63]، في وحيه سبحانه لسيدنا موسى -عليه السلام-؛ قال: اضرب لينجيه وبني إسرائيل من فرعون وجنوده عندما لحقوا بهم، وهنا منظور آخر يعلمنا إياه ربنا سبحانه من هذه الواقعة، بأن نعمل بأنفسنا مع اليقين والتوكل به، فالله تعالى لا يعجزه نجاتهم وفلق البحر بأمره في لمح البصر، وقال الله تعالى ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[يس:82]؛ ومع هذا أمر نبيه بـ اضرب.

 

وجميعنا يُصاب بأقدار الدنيا، فيجب علينا الصبر على بلائها ونكبات الأيام، وهذا ما لا يخلو منه بار ولا فاجر، ولا مؤمن ولا كافر، ولا سيد ولا تابع، لأنه راجع إلى طبيعة الحياة، وطبيعة الإنسان، وما رأينا أحدًا يَسلَم من آلام النفس، وأسقام البدن، وفقدان الأحبة، وخسران المال، وإيذاء الناس، ومتاعب العيش، ومفاجآت الدهر.

 

فلا ينبغي علينا الجلوس وانتظار فرج الله سبحانه، فلو كان كذلك لكان لسيدنا موسى -عليه السلام- أولى، فعلينا ضرب البحر بتسخير قوتنا وإرادتنا وعزيمتنا وما نملك من مهارات عملية وفنية وعقلية، والفطن فينا هو الذي يوقن بفرج الله سبحانه ويتوكل عليه، ثم يثابر ويجاهد ويحاول ويعمل.

 

لن ننال مبتغانا بالتمني والأحلام والجلوس، ولن نكتشف مهاراتنا ما لم نفعلها ونعمل ونجتهد، وليس عيبًا أن نخطئ مرة وثانية وثالثة، حتى نتعلم ثم ننجح، ولن نجتاز المصاعب ما لم نخطُ الخطوة الأولى، ولن يحقق لنا الله تعالى مرادنا دون عمل، فالله تعالى قادر على أن يحقق كل آمالنا، لكنه سبحانه يريدنا أن نعمل ونغيّر ونستعمر الأرض بأنفسنا وباستخدام إمكانياتنا التي وهبنا إياها سبحانه من فكر وقوة وإرادة، وأنت بكامل قوتك وعافيتك وسلامة عقلك وجسدك، لا تنتظر أحدًا يأخذ بيدك ليعبر بك الشارع، ما لم تحاول أنت من نفسك، ولن يرزقك الله وأنت عاكف مكانك، ولا تَلُمْ الناس والزمن والأقدار على حالك، وأنت لم تحاول التغيير، فما عليك سوى العمل، وكل ما هو مطلوب منك أن تضرب بعصاك، وسيفلق الله لك الدنيا بما فيها، لتعبر وتجتاز المصاعب لتصل لبر الأمان والاستقرار.

39 تعليق على “اضرب بعصاك البحر..

  1. هلال طرابيشي يقول:

    أحسنت عزيزي مشعل مقال رائع وبناء واسمحلي أن أذكر بالآية الكريمة قال تعالى. ( وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ ) وهذا ما يؤكد ما ذهبت إليه في مقالك . متمنياً لكم مزيداً من التقدم والإزدهار . تحياتي

  2. البروفيسور أبكر عبدالبنات ادم يقول:

    كلام جميل لكن إذا نظرنا الى واقعنا اليوم لم نستفيد من الدروس والعبر الذي اختصه الله لانبياءه ورسله فالأمر يقتضي التمحيص

  3. د. محمد عبده حسن يقول:

    هذا من باب الاخذ بالاسباب والسعي
    مشكور يادكتور
    وموفق ان شاءالله

  4. خليل محمد إبراهيم يقول:

    والنعم بالله
    نعم التوكل على الله يقين ولكن العمل معه مطلوب
    مقال رائع دكتور

  5. د.هاجر مساعد الشريوفي يقول:

    العنوان اختياره كان بعناية والموضوع الذي تناوله مناسب للوضع الحالي وتفعيله ووصفه وإنزاله على الواقع جيد ،وودت لو دعم بأمثلة من السنة لكان اكثر اثر واقوى عمقا …بارك الله في وقتكم وجهدكم
    د.هاجر الشريوفي

  6. أ .د حياة نياز يقول:

    جزاك الله خيرًا د. مشعل،

    مقالك جميل جدًا، يحمل في طياته رسالة عظيمة ومعنًى عميقًا، يستلهم من قصة قرآنية موقفًا عمليًا يُلهم القارئ، ويحثّه على الجمع بين الإيمان بالله والتوكل عليه من جهة، والعمل وبذل الجهد من جهة أخرى.

    وقد امتزجت في لغته روحانية الإيمان بواقعية الحياة، مما جعله مقنعًا ومؤثرًا في آنٍ واحد.

    رسالة المقال عظيمة؛ إذ أوضحت أن الأخذ بالأسباب شرط لتحقُّق المعجزات، وأن الله سبحانه يريد منا أن نبادر و”نضرب البحر” قبل أن نشهد الفرج.

    ومن أبلغ ما ورد فيه:
    “ما عليك سوى العمل، وكل ما هو مطلوب منك أن تضرب بعصاك، وسيفلق الله لك الدنيا بما فيها”.
    تعبير بليغ يُوجز الفكرة كلها في صورة قوية وملهمة.

    زادك الله رفعةً وتميّزًا، وبارك لك في علمك وعملك.

  7. ا. دعادل ابو العز احمد سلامه يقول:

    صدقت في عرضك هذا الموضوع بأسلوب ممتع في العرض وفقكم الله

  8. Dr Amaney Shawkey Basha يقول:

    جزاكم الله كل الخير فضيلة الدكتور
    مقالة في الصميم كما إعتدنا من حضراتكم الفكر المتميز
    جعلكم الله مشعلا عند أهل السماء كما جعلكم مشعلا ونافعا عند أهل الأرض
    أمنياتنا بمزيد من التميز والريادة ونفع بكم دائما

  9. عبدالرحمن هجاد يقول:

    مقال جميل وهادف يحقق مبتغاه ويؤكد لنا مقولة(اسعى يا عبدي اسع معك ) هذا هو شعار الطموح والابداع شكرا دكتورنا على هذا المقال الحفز والمعين بغد الله سبحانه وتعالى

  10. DR Fayrouz Abdelhamead يقول:

    فلا ينبغي علينا الجلوس وانتظار فرج الله سبحانه، فلو كان كذلك لكان لسيدنا موسى -عليه السلام- أولى، فعلينا ضرب البحر بتسخير قوتنا وإرادتنا وعزيمتنا وما نملك من مهارات عملية وفنية وعقلية، والفطن فينا هو الذي يوقن بفرج الله سبحانه ويتوكل عليه، ثم يثابر ويجاهد ويحاول ويعمل.

    من اصدق وافضل الكلمات التى أرى أن نذكرها كثيرا فنحن فى زمان قل فيه العمل وزادت فيه الاتكالية شكرا جزيلا دكتور مشعل المتميز دائما ربي يحفظك ويزيدك تألق

  11. د. بدر يقول:

    كلام جميل من دكتور أجمل
    لو تدبرنا القرآن لوجدناه منهج حياة لكل مسلم، فاللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل.

  12. هند إبراهيم السعوي يقول:

    ماشاء الله تبارك الرحمن كلمات عميقة وهادفة . الحق نحتاجها في واقعنا (التوكل والعمل بجد واجتهاد)
    تقديري واحترامي د. مشعل.

  13. موسى بن سعيد السعد يقول:

    بارك الله فيك ونفع الله بكم الاسلام والمسلمين
    واتمنى لك التوفيق بالدارين وجزاك الله خيرا.

  14. د تغريد جليدان يقول:

    مقال مهم جداً وسنة كونية يجب ان يدركها الناس لكي يتحملوا مسؤولياتهم بحب ووعي .. بارك الله فيكم ونفع بعلمكم وعملكم

  15. د.نبيهة الأهدل يقول:

    ما شاء الله … مقال نافع مفيد ..
    واختيار موفق بدأ من العنوان
    (اضرب بعصاك البحر)
    المحفز للهمم الباعث على العمل والجد والاجتهاد
    فيه (أمر) وفي ظاهره (استحالة )… انما هي سنة كونية وشرعيه ؛ لكل مجتهد نصيب … قَلّ أو كَثُر … سَهُل أو صعب..
    وانتهاءً بالمعنى النفيس لقيمة العمل وبذل الجهد والحركة والعطاء ( اعقلها وتوكل) .
    بورك الفكر و بوركت الأنامل.. وزادكم الله من فضله ونفع بكم.

  16. خلود خلف الحربي يقول:

    تأمل جميل وعميق في قصة قرآنية عظيمة، يذكرنا بأن الأمل لا يغني عن العمل علينا أن نخطو ونجتهد، والله يتولى الباقي بلطفه وقدرته. شكرًا للدكتور مشعل على هذا التذكير الثمين

  17. د. سوران نور يقول:

    ماشاء الله
    بارك الله في سعادتكم مقال رائع و هادف يحس علي الجد والاجتهاد و الاصرار علي النجاح وعدم الوقوف مكتوفي الايدي و التواكل بارك الله فيكم وجعلكم للخير دائما بإذن الله

  18. أ.د. حنان سرحان النمري يقول:

    موضوع بليغ مشتق من كلام الله المعجز، يحمل رسالةً ساميةً هادفةً، عبر مقالةٍ موجزةٍ وضح للقارئ الفرق البيّن بين التوكل على الله والتواكل، وترسم طريقًا واضحًا لتحقيق الهدف من خلال السعي والعمل القائم على اليقين التام بالله تعالى والتوكل عليه… سلمت يداك ياد. مشعل، ولا فضّ فوك.

  19. علي القزلان يقول:

    مقال جميل 👍

    ويؤيده قول رسول الله ﷺ: «اعقلها وتوكل».

    لابد أن يبذل الإنسان جهده والتوفيق من الله.

  20. صديق فارسي. يقول:

    من أجمل وأصدق ما قرأت .. رائعة جدا شكلاً ومضمونا ..
    زادكم الله من فضله ونفع بكم وسدد خطاكم.

  21. احمد حسن يقول:

    ماشاء الله مقال جميل وهادف اتمنى لحضرتك التوفيق والنجاح الدائم دكتورنا واستاذنا الغالى

  22. د.حنان ابراهيم يقول:

    جزاك الله خيرا فعلا مقال رائع نحتاجه في ظل هذه الظروف العمل مع اليقين و التوكل

  23. Dr. Marwa rashad يقول:

    بارك الله في قلمك د. مشعل كلام صحيح زادك الله علما ونفعا ومزيد من العطاء والتألق

  24. د. سالي جمعة يقول:

    أحسنت الطرح دكتور مشعل، هذا يدل على أن تحقيق المعجزات أيضًا يتطلب السعي والعمل والاجتهاد، أما النتيجة والتوفيق فهي من عند الله.

  25. د.نهى كمال يقول:

    فتح الله عليك دكتور مشعل تأمل جميل في معنى التوكل نفع الله بكم دوما

اترك رداً على د الامين محسن إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *