علمنا الله سبحانه وتعالى في عملية اتخاذ القرارات، في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع السَّحَرَة، حيث يقول تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وفي هذا المثال يتضح لنا صورة من صور اتخاذ القرارات، وهي المفاضلة بين أمرين، بحيث يتم اختيار البديل الأفضل، فجاء اختيار موسى عليه السلام للبديل الثاني عندما قال لهم: ألقوا.
نصادف في جميع أمورنا الحياتية خيارات متعددة منها ما يحتاج وقتًا طويلًا للتفكير ومنها توقفنا ولو لوهلة بسيطة في نقطة ويجب علينا الاختيار أو اتخاذ القرار لأمر معين أو لأحد الخيارات المتاحة لهذا الأمر، ويمكن اعتبار اتخاذ القرار على أنه عملية يمكن أن تكون عقلانية أو أقل عقلانية أو غير عقلانية ويمكن أن نستند في اختياراتنا إلى معرفة ومعتقدات صريحة أو ضمنية أو احتياج، بهدف تغيير أو تطوير أو قطع أمر معين.
ويجب أن يسبق اتخاذ القرار الاستعانة بالله والتوكل عليه ثم تحليل الأمر ووضع البدائل ثم الاختيار مع عدم تجاهل نقطة المشورة من أهل الاختصاص والخبرة والمعرفة للتأكيد على القرار المتخذ أو تصويبه، ومن الجميل عند اتخاذ القرار أن نتعبد فيه بنية اتباع السنة في اختيار القرار الأيسر اقتداءً بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: “مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا”.
يلحق اتخاذ القرار وقت تنفيذه وهو الجزء الأهم والمحوري حيث لا يترتب على اتخاذ القرار التنفيذ الفوري خاصة في الأمور المصيرية، فقد يكون القرار المتخذ هو الأصح والأفضل لكن التوقيت ليس مناسب الآن ومن الأسلم تأجيل تنفيذ القرار لوقت آخر لأن تنفيذه الآن يعتبر قرار خاطئ، فتأخير تنفيذ القرار قد يكون أسلم في الدين والمعاش وعاقبة الأمر.
تذكر دائمًا عندما تتخذ قرارًا احرص على ترتيب أولوياتك ذات العلاقة بهذا القرار من الأهمّ إلى الأقل أهمية، وحينما تعي تمامًا ما هو الأكثر أهمية لك في هذا الموقف ستصبح عملية اتخاذ القرار أسهل عليك، واجعل في ذهنك دائمًا عندما تفكر في اتخاذ قرار جملة (ليس اليوم)، ولتكن مرافقة لك في قراراتك، وتكون الكلمة هي معيار قياس الوقت المناسب لتنفيذ القرار، ومبنية على عدة دوائر أنت في منتصفها، بداية من أصغر دائرة تحيط بك وهي نفسك إلى أكبر دائرة تحيط بك من العائلة والأصدقاء وغيرها.