مسجد الميقات ملكية خاصة…

فضلًا لمن لديه الجواب على استفساري يتكرم علي ويكتبه في التعليقات في الأسفل، ماذا تعني عبارة (هذا مكاني لوحدي) عندما يقصد بهذه العبارة مكان في مسجد من بيوت الله.

 

منذ طفولتي وككل عام في رمضان وأنا أذهب مع أبي إلى المسجد النبوي لفرش سفر الإفطار والتي يقوم على تموينها عدد من أفراد عائلتي، فهي عادة عند جميع أهالي المدينة منذ القدم ويتوارثها جيل بعد جيل حيث يقوم أهالي المدينة بتجهيز ميزانية للسفر لتأمين اللبن والتمر والقهوة لضيافة زوار المسجد النبوي، ويساعد الأهالي بعضهم البعض في تقسيم الأماكن بكل حب وود والعائلة التي ينقصها شيء تدعم العائلة الأخرى من سفرتها ويأتي الزوار لسفرهم بكل أدب ومحبة وتكمل كل عائلة الأخرى ما ينقصها من تموين وحتى الزوار يتم دعوتهم فهدف جميع عوائل المدينة الأجر في ضيافة ضيوف الله.

 

وما سأذكره لكم من مواقف ليست من نسج الخيال أو افتراء، بل حقيقة واقعية حصلت في مسجد الميقات يوم الثلاثاء 13 رمضان 1439هـ.

 

اقترح أحد أعضاء فريق عمل صحيفة عيون المدينة بعمل سفرة لإفطار مائة صائم وصائمة تقوم بمساهمة جميع الأعضاء وبعد جمع المساهمات من الأعضاء وبعد مشاورات عدة لاختيار المسجد المناسب لعمل السفرة تم الاتفاق على مسجد الميقات وتم تحديد التاريخ وتوزيع المهام وفي اليوم المحدد انطلقنا إلى مسجد الميقات بعد صلاة العصر لتجهيز السفر للصائمين ضيوف الله.

 

الموقف الأول:
عند دخولي المسجد للبحث عن مكان مناسب لفرش السفر توجهت مباشرة للمراقب الذي يعمل رسميًا في المسجد لاستئذانه في مكان فرش السفر فقام بتوجيهي إلى أخ من الجنسية الباكستانية مسؤول عن أحد السفر التابعة لفلان الفلاني وأخبرني أن أستأذن منه، ومع عدم فهمي لتصرف المراقب الرسمي الذي يعمل في المسجد بتوجيهي إلى أحد الإخوة المقيمين لكني ذهبت معه، وقابلت الشخص المعني وأخبرته بأن لدي عدد خمسين وجبة أرغب في أن أفرش سفرة لإفطار الصائمين ضيوف الله في بيت الله، رفض تمامًا وقال عمي الكفيل يرفض؛ فأخبرته ما شأني بعمك الكفيل أنا سأفرش سفرتي في مكان آخر بعيد عن مكانكم ولن أستخدم أي شيء من تموينكم فلدي كامل التموينات وهذا بيت الله، فقال: يمنع فرش سفرة أخرى داخل المسجد غير الخاصة بنا، هذا مكاننا لوحدنا نحن عائلة فلان الفلاني منذ ثلاثين سنة ، فأخبرته أين عمك الكفيل لأتفاهم معه، فقال: لا يأتي إلا قبل المغرب بربع ساعة فهو يسكن قريب من هنا، فقلت له أعطيني رقمه لأتواصل معه، وبعد عدة محاولات لم يتم الرد، وقال لي: لا تدخلني في مشاكل مع كفيلي ولا تحاول فلن يسمح لك فقد حاول الكثير قبلك ولم يسمح لهم ، ومراقب المسجد الرسمي يهز برأسه يؤكد على كلامه صحيح صحيح ، وما زلت في تعجب من توالي التصرفات الغريبة من المراقب الرسمي في المسجد مما يشير إلى أن الأمر مقضي ومنتهي وبيد عمه الكفيل ولا مجال لإيجاد حل، مع استغرابي التام من الموقف، فسألتهم ما الحل الآن فأخبرني الأخ المقيم وليس المراقب الرسمي اذهب إلى الخارج وافرش سفرتك في أي مكان، فسلمت أمري لله وخرجت لساحة المسجد لفرش السفرة، وما حصل في قسم الرجال ينطبق نفسه في قسم النساء حيث الاحتكار على كامل المسجد، وتم فرش السفرة في الخارج والحمد لله على كل حال.

 

الموقف الثاني:
ذهبنا للمنطقة الشمالية من ساحة مسجد الميقات حيث داخل المسجد محتكر وجوار بوابات النساء من عند بوابة رقم تسعة اخترنا مكان لسفرة النساء ووجدنا مجموعة يعملون لتجهيز السفر فأخبرنا المسؤول معهم بأن لدينا خمسين وجبة لإفطار الصائمات ضيوف الله فهل تضموها لسفرتكم ولدينا فريق من الفتيات سيعملن على فرشها وتنظيف المكان، فأجاب بلهجة حادة وكأن بيننا ثأر قديم بالرفض، فأخبرناه بأننا سنفرش بجواركم فلدينا كامل التموينات اللازمة، فما كان منه إلا أن قال كل هذه المساحة مكاني لوحدي من عشرين سنة وهي خاصة بعائلة فلان الفلاني، وتتكرر نفس العبارة وأخبرناه بأن هذا بيت الله وليس بيتك ولن نقترب من منطقتك سنفرش سفرتنا بعيدًا عن حدود سفرتك، فرفض تمامًا وقال اذهبوا إلى مواقف السيارات وافرشوا هناك!

 

وما زلت في ذهول مما يحدث، وما أن بدأنا في تجهيز السفر إلا ويأتي مسرعًا وبصوت عالي ويقول لن تفرشوا هنا، فأخبرناه أحضر مسؤول يتفاهم معنا فأنت لست صاحب صلاحية لتمنعنا أو تسمح لنا، وبعد جدل وصياح جاء رجل الشرطة ويا ليته ما جاء وبعد صراع دام قرابة الساعة أجبرنا على فرش سفرة النساء قريب من بوابة الرجال، يا للأسف.

 

الموقف الثالث:
وصول رجل الشرطة أثناء الصراع لفرش سفر النساء وما كان منه إلا أن كرر نفس عبارته مع إعادة وتكرار الكلام لهم أننا لن نستخدم تموينهم ولا مكانهم فالمساحة كبيرة جدًا ومنطقتنا بعيدة عن منطقتهم وسنفرش بعد الحد الذي يرغب فيه والذي يدعي أنه مكانه لوحده لكن لا يمكن أن نفرش سفرة النساء بالقرب من مدخل الرجال، لكن لا حياة لمن تنادي وما كان من رجل الشرطة إلا أن أخذنا إلى مركز الشرطة وعند دخول المكتب أخبرنا أننا محتجزون إلى بعد المغرب، لماذا وكيف ومن أجل ماذا لا نعرف، انتهى النقاش بقرار رجل الشرطة أننا مجرمين ويجب حبسنا إلى بعد المغرب، ومع النقاش ولإحساسه بأننا لن نخضع لكلامه أخرجنا وأبلغنا بأن نفرش سفرة النساء عند بوابة الرجال بعيد عنه فهذا مكانهم لوحدهم، والدهشة تزداد وتزداد، لك الملك يا الله.

 

الموقف الرابع المضحك المبكي:
سفرة جوار سفرتنا وعندما احتجنا إلى فرشة إضافية ولديهم على العربة ستة مفارش إضافية غير مستعملة وعند طلب من العامل أن يعطينا مفرشة واحدة رفض وقال كفيلي يمنع هذه فقط لسفرتنا، وكأن لو فرشناها عندنا لن يأخذ الأجر، سبحان الله.

 

والآخر ينهانا من دعوة الصائمين لسفرتنا ويقول ما الذي جاء بكم جوارنا هؤلاء الصائمين لنا اذهبوا واجلبوا الصائمين من مكان آخر.
وانتهى اليوم وسط ذهول واستغراب لما حدث، فهل المساجد بيوت الله أصبحت ملكية خاصة لعائلة فلان وفلان وحتى الصائمين يزمجر على من يرحب بهم لغير سفرتهم، وهل سفر إفطار الصائمين في رمضان أصبحت احتكار للعائلات كمفتاح الكعبة!

 

أؤمن تمامًا أن إطعام الصائمين شرف يسعى إليه أهالي المدينة ويتوارثونها منذ زمن ويورثون العادة لأبنائهم وأن لكل عائلة مكان مخصص ومعروف منذ زمن؛ فجزاهم الله خير الجزاء لكن لم أتوقع أن نصل لمرحلة الاحتكار وعدم قبول الآخرين لعمل الخير، بل وزجرهم وطردهم من بيوت الله مع تكرارنا بأننا لا نريد اقتحام مكانكم وسوف نفرش بعد حدودكم ولن نأخذ من تموينكم ولدينا فريق سيعمل على فرش وتنظيف المكان لكن يبدو أن العلاقات الخاصة أصبحت تملك بعض العوائل المساجد، فسبحان الله يقف الكلام هنا.

وما زلت إلى الآن لم أفهم ماذا تعني عبارة (هذا مكاني لوحدي) عندما يقصد بهذه العبارة مكان في مسجد من بيوت الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *