يتكرر كثيرًا في حياتنا أن نبكي على كثير من الأمور ونحزن لها ونريق من أجلها الدموع ونحمل أنفسنا الهموم لأن ذلك قد حدث ولن نستطيع إعادة الزمن للوراء لتفادي الوضع وتجنب الكسر ولن تفيد دموعنا في إصلاح ما كُسر.
ومن رحمة الله تعالى أن رزق الإنسان نعمة النسيان فقال الله تعالى:﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، وقال الله في جوابها: قد فعلت. ويقول ﷺ : «إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»؛ (أخرجه مسلم)، وعلى هذا فالنسيان نعمة ومِنَّة من الله على الإنسان الذي له من اسمه نصيب فما سُمِيَ الإنسان إنسانًا إلا لكثرة نسيانه فلماذا نُصِر على تذكر الهموم وما كسر منا.
كلنا نتعرض لظروف صعبة وضغوطات ومشاكل تؤرقنا ولكن هناك من يتعامل مع المشاكل بوعي كبير ومرونة وهناك من يستسلم للحزن والبكاء فيسمح للمشاكل أن تسلب استقراره بدلًا من الاستفادة والتعلم منها القوة والعزيمة، وإن تمعنت قليلًا فيما كسر منك لن تجده الأمر الذي يستحق أن تظل عاكفًا على الحزن والبكاء عليه، فكم من موظف خسر وظيفته وأبدله الله بأحسن منها وكم من تاجرٍ خسر تجارته وبالصبر والطاعة عوضه الله، فلا شيء دائم لا حزن ولا فرح بل هي تقلبات لأقدارٍ كتبها الله علينا ليختبر صبرنا وطاعتنا في قضائه وقدره؛ فلا تحزن الحزن المرير الطويل الشديد الذي يُنسيك رحمة الله ومهما حزنت فلن يتصلح ما كُسر أو يرجع ما فات.
لا تبكِ على ما فات إلا نادمًا ندمًا يدفعك للعمل والإنجاز ولا تُرق دموع العينين على فائت لا يمكنك إعادته ووفرهَا لشيء آخر وبُثّ الأمل في نفسك ونفوس من حولك فالعالم لم ينتهِ والأمل مازال موجود، وتعلم مما فات ليكون لك درسًا وسلمًا يُساعدك للصعود والتقدم وليس حزنًا وهمًا يبقيك حيث أنت.