يفعلون ما لا يقولون، ويتعلمون ولا يعملون، وينصحون ولا يطبقون، ويتواضعون في الملأ وفي الخفاء يتفاخرون، ويطالبون بلسان الحق والصدق والأمانة وهم خائنون ويسرقون نجاحات وإنجازات غيرهم وبها يصعدون، يستخدمون في حياتهم اليومية المجاملات مع الآخرين في وجوههم ومن ورائهم يذمون ويثرثرون، ويعدون ولا ينفذون.
يمنع أطفاله من رمي القمامة في المنزل ويفتح نافذة السيارة أثناء القيادة ليرمي القمامة على الطريق، ويحذرهم من أضرار التدخين وأصدقاء السوء والسيجارة في يده، ويدخل البيت آخر الليل، ويأمرهم بالذهاب إلى المسجد للصلاة وهو جالس على الجوال.
يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويتصدق ولطيف في التعامل مع الناس ويقطع زيارة والديه أو صلة رحمه، يتوضأ أحسن الوضوء ويُسرف في الماء، يصوم طوال النهار ويصبر على الجوع والعطش ويسب ويشتم ويلعن وكأن الصيام صيام البطن فقط.
يخاف من ابن أخيه بأن يوصل ابنته بالسيارة لوحدهم، ويطلب لها سائق غريب من أحد شركات التوصيل ليوصلها، وقد يقتل ابنته لو صادقت شاب ولا ينهر ابنه في التعرف على بنات الناس بحجة أنه شاب مثل باقي الشباب.
يستثقل تكلفة الحج وفي الإجازة الصيفية يستطيع أن يصرف الأضعاف في السفر رغبة بالترفيه حتى لا يكون أقل ممن حوله يسافرون وهو لا يسافر، لا يفكر في ذبيحة الأضحية ويشغله آخر طراز من الجوالات، تضيع الساعات في قراءة رسائل برامج التواصل الاجتماعي، ولا يستطيع قراءة آيتين من القرآن ليتواصل مع الله.
مسؤول ما تجده يطالب بالتعامل الصادق والالتزام بالاتفاقيات ويغضب عندما لا يحصل على مبتغاه بالشكل الأكمل ثم تجده يؤخر معاملات المستفيدين وينشغل في أموره الخاصة على حساب المستفيدين، ويحضر دورات تطويرية وتدريبية واجتماعات وورش عمل في الإدارة، وفرق العمل والتحفيز وهو منبع للتنفير والمركزية في العمل وعدم تفويض الصلاحيات ويترأس الطاقة السلبية في المكان.
قالوا: قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، فتجده للأسف قله منهم، في الصباح معلمًا للطلاب وتضيع نصف الحصة في متابعة مواقع التواصل والحديث الجانبي مع زميله المعلم، وفي المساء يتسامر مع نفس الطلاب في المقاهي الليلية على سهرات اللعب والدخان والشيشة، فأي رسول هذا؟!
كيسٌ مثقوب نجمع ونتعلم وللأسف ما جُمع ينسكب بلا فائدة أصبحت عقولنا وأخلاقنا كأرفف المكتبة تحمل الكثير من كتب العلم والفائدة لكن لا تستفيد من حملها شيء سوا زينة للناظرين، ظاهرهم شكل وداخلهم شكل آخر.