رصاص الكلمة

قال الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وقال: {وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]، وقال: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]، وقال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].

ومن الأحاديث النبوية، ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ)، وقَالَ (إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم).

فالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تحثُ على حسن الكلام وتُظهر أهمية القول الطيب والكلمة الحسنة، وتدعو المسلم إلى التحلي بالأخلاق الحميدة، وإلى أن يكون الكلام إما خيرًا يُقال أو صمتًا يُحفظ به اللسان من الزلل، فحسن الكلام مع الناس يُعد من أهم مقومات العلاقات الإنسانية الناجحة والمتوازنة، وهو فن يُعبر عن الأخلاق الرفيعة ويُظهر الاحترام المُتبادل بين الأفراد، ويُعتبر الكلام الطيب مفتاحًا للقلوب، يُسهل التواصل ويُعزز الروابط الاجتماعية.

ولا يقتصر الكلام الحسن فقط على اختيار الألفاظ الجميلة، بل يشمل أيضًا الصدق والموضوعية في الحديث، واستخدام لغة الجسد الإيجابية لتوصيل المشاعر الصادقة، وهذا يُؤكد على أهمية القول الطيب والتعامل اللين مع الآخرين، وحسن الكلام يُعد سمة من سمات الشخصية القوية والمؤثرة، وهو دليل على النضج العاطفي والاجتماعي للفرد، كما يُساعد على بناء جسور التفاهم والتعاون بين الأشخاص، ويُعزز من الإحساس بالانتماء والتقدير في المجتمع.

وعليه فإنه يجب أن تكون قادرًا على التعبير عن أفكارك ومعرفتك بطريقة جذابة ومنظمة، والحفاظ على نبرة صوتك معتدلة، لا مرتفعة جدًا ولا منخفضة جدًا، وتجنب الحديث الفظ أو القاسي، وليكن حديثك لطيفًا ومهذبًا، بعيدًا عن الكلام الجارح أو غير اللائق، واحترم من هو أكبر منك في العمر وأعطهم الأولوية في الكلام، وكن طبيعيًا في حديثك وتجنب الكلام الذي لا يعبر عن شخصيتك الحقيقية، وتذكر دائمًا أن الكلام الطيب يدخل القلوب ويبني الجسور بين الناس، ويُعد من أهم مهارات التواصل الفعّال.

واحذر من الكلام المسيء، لأن له تأثيرات سلبية عميقة وطويلة الأمد على الأفراد والمجتمعات، فهو يخلق بيئة من العداء والتوتر، ويمكن أن يؤدي إلى الانقسام والصراع، لذلك من المهم جدًا أن نكون حذرين بشأن الكلمات التي نختارها وكيف نعبر عن أنفسنا، وفي أوقات الغضب، حافظ على الأخلاق الحسنة والتحلي بالصبر والعفو عند المقدرة، فيجب علينا تجنب الكلام المسيء وأن نشجع الآخرين على فعل الخير والتحدث بأخلاق، ويجب أن نكون قدوة في الكلام الطيب وأن نساعد في نشر الوعي حول أهمية الكلام الحسن وتأثيره الإيجابي على المجتمع.

ومهما كانت العلاقة، لا تقطع كل حبال الود، ودَع لك باباً مفتوحًا وطريقًا للرجعة، فالكلمة كالرصاصة إن خرجت من فمك وانطلقت، لا تستطيع التراجع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *